الزنبقة البيضاء


في كتاب أخبار القديسين نقرأ عن بشارة أمنا الطاهرة، وعن سر التجسد الالهي، ومنها هذه القصة العجيبة:
   رجل من الشرفاء، يملك ثروة عظيمة، كره الدنيا وملذاتها، واتخذ السيرة الرهبانية في القانون المسمى "تشيسترشينسي"، طريقاً له. ولكنه كان، رغم غناه، رجلاً أمياً لا يقرأ ولا يكتب، فلم يرضَ الرهبان خدمته مع المبتدئين، بل أفردوا له معلماً خاصاً، علّه يتعلّم شيئاً من القراءة، كي يرفعوه، بعد ذلك، الى صفّ النسّاك.
   ولكنه، رغم مرور مدة طويلة مع المعلم، لم يتمكن من القراءة، بل ظلّ يردد، في كل لحظات حياته: السلام لكِ يا مريم.
   وبعد شيخوخة جليلة، أتته ساعة الموت، فأسلم روحه بيد الرب وهو يردد صلاته الوحيدة.
   وكالعادة، صلى الرهبان على جثمانه الطاهر، وواروه الثرى في مقبرتهم، وبعد مدة وجيزة، نبتت زنبقة بيضاء جميلة جداً، كتبت على أوراقها، بأحرف من ذهب، عبارة وحيدة: السلام لك يا مريم.
   فأعلموا رئيس الدير بتلك الاعجوبة، الذي أمرهم بحفر القبر، وعزل التراب عن الجثمان، لينجلي امامهم مشهد ولا أروع، فلقد اكتشفوا ان الزنبقة قد نبتت من فم الراهب القديس. حينئذ مجدوا الله، وراحوا يرنمون بصوت واحد: السلام لك يا مريم.
**