غضب الملك من رسائل يوحنا، وقرر الايقاع به، فدعا الى قصره أحد أهم علماء الخطوط في المملكة، وأمره أن يكتب رسالة، يكون الخط فيها مشابهاً لخط وتوقيع القديس يوحنا.
فكتب ما يلي:
"أيها الملك الجزيل الاحترام..
أنا عبدك يوحنا من دمشق، أخبرك أن بلادنا ضعيفة الآن، وخالية من العساكر، فإن أرسلت من عندك عسكراً، فبإمكانك أن تظفر بهم، وتستولي على بلادهم، وأنا سأساعدك قدر أمكاني.
الامضاء يوحنا الدمشقي".
ومن ناحية ثانية كتب رسالة الى أمير دمشق، جاء فيها:
"أيها الأمير الحبيب، أمير دمشق..
لا أجد أجمل من المحبة والصراحة سبيلاً لمخاطبتك، لذلك جئت أطلعك على رسالة وصلتني من ابن بلدكم مستشارك الأقرب يوحنا، يطلب مني فيها مهاجمة حدودكم، والاستيلاء على امارتكم، وهذا ما أغاظني فعلاً، لأني لن أفرّط أبداً بصداقتك ومحبتك، وها أنا أرفق رسالته مع رسالتي لتتوضح عندكم الحقيقة.
الملك لاون".
وعندما استلم أمير دمشق الرسالتين المرسلتين مع أحد عبيد الملك المنافق لاون، استدعى يوحنا، وأمر بقطع يده اليمنى، دون الاستماع الى أية كلمة يمكنه أن يدافع بها عن نفسه.
وعند المساء أرسل يوحنا بعض الوسطاء الى الامير كي يسلمه يده المبتورة، بغية دفنها، فسلمهم اياها، فما كان من يوحنا الا أن حملها بيده اليسرى، ودخل الى بيته، وارتمى أمام أيقونة السيدة العذراء، وراح يصلي بدموعه، الى أن نام، وعندما استفاق، وجد أن يده اليمنى قد رجعت سليمة كما كانت، فلما رأى أمير دمشق ما حصل، سأله عن اسم الطبيب الذي طببه، فصاح يوحنا بصوت جهوري:
ـ إلهي هو طبيبي..
عندئذ أدرك الأمير أن الملك لاون قد غشّه بغية التخلص من يوحنا، فالتفت اليه قائلاً:
ـ لقد قطعت يدك ظلماً، فأرجوك أن تصفح عني، وأن تعود كما كنت أحد أكبر المستشارين في قصري.
شكره القديس يوحنا على صدق محبته، ولكنه طلب منه إجازة طويلة كي يتفرغ للعبادة، وكتابة الترانيم للسيدة العذراء.
**