الكساندرا

    ألكساندرا.. فتاة من مملكة "أراغونا"، تخشّعت جداً، واشتعلت في حب وعبادة مريم العذراء، وواظبت على صلاة المسبحة الوردية بحرارة فائقة.
   ولكنها، في الآونة الأخيرة، كانت تترك صلاة الوردية، إما بسبب الكسل، أو لتزيين ذاتها، أو مراضاة لغيرها. وهذا غير جائز أبداً، مهما كثرت العلل الباطلة، فالروح أبدى من الجسد، كقوله تعالى: اطلبوا أولاً ملكوت الله وبرّه.
   ولأنها كانت جميلة جداً، اشتعلت قلوب الشباب بحبها، ومن بينهم شابان شريفا النسب، لم تبادلهما الحب، ولم تلتفت إليهما بتاتاً، فأتهم أحدهما الآخر بأنه السبب في صدّ الكساندرا له، فتعاركا إلى أن قتلا معاً.
   وعندما علم والداهما بموتهما، قررا البحث عن السبب، فقادهما تفتيشهما الى حبيبة قلبيهما "الكساندرا"، فأضمرا الشر لها، وبدآ بملاحقتها الى أن تمكنا منها، فضرباها على رأسها ضربة موجعة، فنظرت إليهما والدموع في عينيها وقالت:
ـ أريد أن أعترف بخطاياي.. أريد كاهناً حالاً.
   وبدلاً من أن ينفذا رغبتها قطعا رأسها بالسيف حتى لا تبلّغ عنهما، ورمياها في بئر عميقة.
   أما صاحبة المسبحة الوردية السيدة مريم العذراء، فغضبت جداً من جريمتهما المروعة، ولم تسمح بموت الكساندرا بدون اعتراف، فظهرت في الحلم على القديس دومنيكوس، وكشفت له موقع الجثّة، وأمرته بأن يذهب الى هناك وينادي بأعلى صوته: ألكساندرا.. ألكساندرا..
   وما أن فعل ما أمرته أمنا به، حتى ارتفع رأس الكساندرا المقطوع من جوف البئر، وفتحت فمها وقالت: يا أبتي، أريد أن أعترف. فجمع القديس رأسها بالجسد، وأعادها الى الحياة، بعد أن قبل اعترافها وحلّها من جميع خطاياها، ثم سألها عن السبب الذي أدى الى قطع رأسها، فأجابته: يا أبي القديس، موتي كان لثلاثة أسباب. أولا: موت شابين تقاتلا بسبب غرامهما بي، وثانياً: العناية الدائمة بمظهري الخارجي، وثالثاً: تركي الصلاة لمسبحة الوردية. عندئذ، علم كل من حضر هناك أن القاتلين هما والدا الشابين.  
   عاشت ألكساندرا يومين فقط بعد الحادثة، أمضتهما برفقة أخواتها المشتركات معها بمسبحة الوردية، وبعد دفنها بخمسة عشر يوماً، ظهرت للقديس دومنيكوس كنجمة مضيئة.
**